الإقلاع عن التدخين: لماذا أصبح ضرورة ملحة؟

     

       أليس من المثير للاستغراب أن  عدد المدخنين لا زال مرتفعا رغم أن الجميع أصبح واعيا بأضرار التدخين العديدة و الفظيعة؟  بل و لا زال هناك من يشرع في تعاطيه من المراهقين و الشباب. إن هذا الانتشار الكبير لعادة التدخين بين فئات عريضة من شعوب العالم المختلفة  شيء يدعو للاستغراب و للتساؤل حول الأسباب الكامنة وراءه. فلابد أن وراء هذه الظاهرة أسبابا موضوعية و ذاتية كثيرة و مختلفة. 

     المرجح أن لكل مدخن أسبابه الخاصة و التي قد تختلف عن أسباب غيره من المدخنين أو تشبهها. فهناك من جرب السجائرأول مرة بدافع الفضول فقط، ثم استحسن مذاقها أو شكلها أو طريقة تدخينها أو أثرها المباشر، فكرر التجربة عددا من المرات إلى أن وجد نفسه غير قادر على التوقف. و هناك من بدأ التدخين تقليدا لشخص آخر، قد يكون أبا أو أخا أكبر أو صديقا أو شخصا مشهورا أو شخصا محبوبا. و هناك من اعتقد أن السيجارة ستساعده على إثبات ذاته و تحقيق رجولته. و منهم من توهم أن التدخين يهدئ الأعصاب و يساعد على نسيان المشاكل و الشعور بالسعادة. و منهم من اتخذه وسيلة للتعويض عن ضعف تقديره لذاته سواء شعر بذلك أم لم يشعر. كل هذه الأسباب ينضاف إليها جهل بعضهم بخطورة التدخين أو على الأقل عدم أخذهم تلك الخطورة مأخذ الجد. 

     لكن، مع تكاثر المعلومات الدقيقة  المتوفرة اليوم عن أضرار التدخين الصحية، يبدو من الاستهتار بالحياة و الإلقاء بالنفس إلى التهلكة أن يستمر الإنسان في هذه العادة الخطيرة. يكفي بشاعة و فظاعة أن نعرف أن مادتي النيكوتين و السيانيد الموجودتين في السجائر هما في الواقع عبارة عن سمين خطيرين يمكنهما القتل إذا أخذا بكميات كبيرة. أما عن طريق تدخين السجائر، فإن آثار هذا التسمم تحصل تدريجيا. فعلى المدى الطويل، يؤدي التدخين إلى أمراض خطيرة كالسرطان و تمزق أنسجة الرئة، و تلف الأعضاء وأمراض القلب. وهذه الأمراض تحد من النشاط الطبيعي للإنسان و قد تؤدي للوفاة المبكرة. فكل  سيجارة تأخذ بين 5 و 20 دقيقة من حياة المدخن. بالإضافة إلى ذلك، فإن المدخنين معرضون لاصفرار الأسنان و ظهور التجاعيد، و هشاشة العظام. و لا يقتصر أثر التدخين على هذه الأمراض التي تحدث على المدى الطويل، بل إن هناك آثارا فورية و مباشرة للتدخين على جسد المدخن. من ذلك شحوب البشرة و الرائحة الكريهة و المنفرة بالفم و الملابس و الشعر، و ضعف المناعة و سرعة التعرض للأمراض و الوعكات الصحية.

      و يبقى السبيل الوحيد لتفادي هذه الأخطار هو التوقف عن التدخين في أسرع وقت . و لن ينفع تعويض السيجارة العادية بسيجارة ذات مصفاة، أو بغيرها من أشكال تناول التبغ.  في الواقع، إن انتشارالوعي بأضرار التدخين و حملات التوعية التي تنظم من وقت لآخر جعلت الكثير من المدخنين يقتنعون بضرورة الإقلاع عن هذه العادة المميتة. إلا أن أغلبهم يعجزون عن التوقف رغم محاولتهم، أو يتوقفون لفترة ثم يعودون. بالطبع لا يمكن إنكار صعوبة التوقف عن التدخين بالنسبة للمدمنين على السجائر، لكن بالمقابل يجب التأكيد على أنه ليس بالأمر المستحيل. يكفي أن تتوفر الإرادة الكافية، و الدراية بالوسائل المساعدة. و لعل ذلك يتطلب البحث عن المساعدة الطبية أو على الأقل البحث عن وسائل تساعد على النجاح في التخلص من هذا الإدمان المميت.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحرر من قيودك النفسية

لماذانحب العطل و نكره العمل؟

هل ( الحجاب ) واجب ديني؟