آل سعود يسمحون للمرأة أن تقود

          

      أخيرًا سمح للمرأة السعودية أن تقود السيارة! يا له من إنجاز!                                                                                      للأسف الشديد، المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي منعت مواطناتها من القيادة منذ دخلتها أول سيارة. و للأسف الأشد، فقد ربطت ذلك بالدين الإسلامي الذي هو بريء من هذا الظلم و هذا العفن الفكري. و لمزيد من الأسف، فهذه الدولة هي أكثر دولة يدعي حكامها أنهم يطبقون الإسلام، و هي أرض الرسالة الإسلامية، و بها أقدس مقدسات المسلمين. هذه الدولة عقدت المسلمين حقا، فقد تسببت لهم في عقد نفسية ، و سببت لهم أكبر الحرج و العار، و شوهت دينهم أيما تشويه. شوهت الدين في أعين المسلمين أنفسهم كما في أعين الأمم الأخرى . و السبب في ذلك ليس أن الشعب السعودي متخلف أو جاهل، لكن السبب هو أن الأسرة الحاكمة هناك لا شرعية لها و لا رؤية لها و لا فهم للدين و لا تشبث حقيقي به و لا علم و لا مروءة و لا أي صفة إيجابية.  للأسف، أرض المقدسات دنست بهؤلاء الحكام  و من يتبعهم و يساعدهم و يفتي لهم من فقهاء السلطان و علماء الدولار. والدليل على أنهم لا يطبقون الإسلام حقا أنهم لا يهتمون من الدين  إلا بما هو جزئي و قشوري و خلافي، و الأدهى أنهم يفرضون على الشعب كله فهما واحدا و مذهبا واحدا و رأيا واحدا في أمور اختلف فيها السلف قبل الخلف.  أماالأمور الجوهرية و المهمة والمؤثرة والحاسمة، فلا ينتبهون لحكم الشرع فيها و لا يهتمون بتدبيرها حسب مبادئ الدين و قيمه العليا.  من ذلك أمور الحكم ذاته، فلا شورى و لا عدل  و لا توزيع عادل للثروة، و لا حقوق للأقليات،  و لا حق في  اختيار الحاكم و لا مراعاة لمعايير الأمانة و الأهلية في اختيار المسؤولين. بل المعيار الأهم  لديهم هو الانتساب لعائلة آل سعود ، بالإضافة لمعيار آخر و هو الخضوع لإرادة الحاكم و حاشيته. فحتى من ينتسبون لأسرة آل سعود إن تجرؤوا على التعبير عن معارضتهم لسياسة الحكام أو انتقادهم  يتعرضون للملاحقة و الاعتقال و التعذيب ويصل الأمر إلى حد  الاغتيال  في بعض الحالات. هذه الجرائم لا يهمهم حكم الدين فيها. كل ما يهمهم من الدين هو ما يتعلق بالمرأة.  و حتى  في ذلك فهم يلوون النصوص ليا و يضيقون ما وسعه الشرع و يعسرون ما يسره الله. يتبعون مبدأ سد الذرائع في شؤون المرأة فقط، فيضيقون على النساء في كل الأمور و يمنعونهن  من قيادة السيارات  و من ممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية... و المشكلة الكبرى أن هذه الأمور لا دليل لهم عليها في الشرع الإسلامي. فمثلا بالنسبة لمنع المرأة من القيادة، لا يفهم أحد أي نص استنبطوا منه هذا الحكم. فحتى ركوب الخيل و الدواب عامة في عهد الرسالة لم يكن محرما على النساء و لا أحد يدعي ذلك.  و من المعلوم أن  الإسلام لم يحرم على المرأة لا الخروج و لا العمل و لا ممارسة أي نشاط إلا ما هو حرام في ذاته   على الجميع رجالا و نساء. باختصار، لآل سعود دينهم الخاص بهم.  

      على كل حال، رغم بشاعة هذا الواقع لا يمكن إلا أن نحمد الله أن نضالات المرأة السعودية الحرة لم تذهب هدرا. و لا شك أن تأثير وسائل الإعلام و خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي و ضغوطات الجمعيات الحقوقية الدولية و تأثير العولمة الثقافية بصفة عامة كان لها كلها دور كبير في هذا القرار الذي تأخر كثيرا جدا. و مع ذلك، لا زال هناك من يقاوم هذا الأمر، فهناك تخوف من محاولة عرقلة تنفيذه من طرف بعض المحافظين المتشددين أعداء المرأة و أصحاب العقول المتحجرة و النفوس المريضة. و إضافة لذلك، فإن رفع الحظر عن قيادة النساء لن يفعل حتى شهر يونيوالمقبل على أقرب تقدير حسب ما قيل في الإعلام. 

       و أخيرا، و كي نكون إيجابيين و متفائلين، علينا أن نحمد الله أن أول خطوة نحو رفع الظلم الذي تعرضت له المرأة السعودية قد اتخذت. و نأمل أن تفعل بسرعة، و أن تتبعها خطوات أكبر و أكثر أهمية حتى تلحق المرأة السعودية بأخواتها العربيات في مسيرتهن نحو التحرر والعدل و المساواة. و المرأة العربية عموما لا زالت تحتاج لمزيد من النضال و العمل الجاد من أجل انتزاع حقوقها الكاملة على جميع الأصعدة، و من أجل إزالة كل صور التمييز ضدها ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحرر من قيودك النفسية

لماذانحب العطل و نكره العمل؟

هل ( الحجاب ) واجب ديني؟