اللغة العربية بين نداء الهوية و ضغط الواقع

      

       لن أقول أن اللغة العربية في خطر، فهي أقوى و أسمى من أن تضيع أو تموت. بل إن العرب هم المهددون في شخصيتهم و قيمتهم و تحضرهم و توازنهم و هويتهم بسبب الإهمال و الاستهانة الذين أصبحوا يعاملون بهما  لغتهم الأم، و بسبب الانبهار و التمجيد  الذين أصبحوا يعاملون بهما اللغات الأجنبية.                                                                                                                      لا شك أن تعلم اللغات الأجنبية أمر محمود و مطلوب، و هو لا يشكل أي خطورة إن وضعناه في إطاره الصحيح. لكن الخطر يأتي حين نخلط بين تعلم اللغات الأجنبية و  تبنيها كلغات للتواصل و التخاطب بين أبناء المجتمع العربي، و حين نضعها في مرتبة أعلى من لغتنا الأم. إن دور اللغات الأجنبية هو الاطلاع على ثقافة الآخر و على مستجدات العلم و التكنولوجيا، و التواصل و الحوار مع الآخر،ولا شيء غير ذلك. لكن أغلب الدول العربية- و منها المغرب-  تتبنى اليوم لغة أجنبية - الفرنسية أو الأنجليزية-  كلغة رسمية و تضعها في مرتبة أعلى من مرتبة اللغة العربية. يظهر ذلك جليا في  اعتماد إداراتنا و شركاتنا و أبناكنا و تعليمنا العالي على اللغة الفرنسية بدل العربية. و هو ما أدى إلى ظواهر سلبية تعكس الاستلاب اللغوي و الثقافي و الفكري، و منتهى الهوان و فقدان الشخصية و الهوية. فاللغة ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء للفكر و الثقافة، و تعبير عن الهوية و الانتماء. لذلك فأي أمة تحترم نفسها و تعتز بهويتها و تريد أن تكون لها مكانة بين الأمم، و تأمل أن تقدم شيئا للبشرية، لا بد أن تتشبث بلغتها و تحافظ عليها و تعتز بها كمكون أساسي لوجودها و كيانها، و الأمة التي تهمل أو تهمش لغتها لا يمكن أن تنهض نهضة حقيقية.                                                                                                                                                            بالطبع يعود إهمال اللغة العربية لعدة أسباب تاريخية و واقعية. لكن ، رغم كل العوامل الضاغطة و التي لا تشجع على الاهتمام بلغة الضاد، فإن عملية التحرر الفكري و الثقافي و اللغوي ضرورة ملحة، و حاجة ماسة إن كنا نريد التقدم و الرقي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحرر من قيودك النفسية

لماذانحب العطل و نكره العمل؟

هل ( الحجاب ) واجب ديني؟