كيف نتعامل مع المشاكل؟

    



     يختلف الناس في تعاملهم مع المشاكل. منهم من يغضب و يتوتر و يقلق و يخاف من العواقب، ومنهم من يهرب منها و يغمض عينيه و يحاول نسيانها بأي طريقة. و منهم من يواجهها بشجاعة و صبر و حكمة. لا شك أن الفئة الأخيرة هي الأذكى و الأسعد و الأنجح. بالطبع ليس من السهل أن نكتسب هذه المهارة إن كنا ممن تعود على التعامل مع المشاكل بالتوتر و القلق و الغضب و الخوف. لكن، إن غيرنا طريقة تفكيرنا في المشاكل و نظرتنا لها سيتغير كل شيء بسهولة و سلاسة. 
    في الحقيقة ما يؤلمنا و يؤرقنا و ينغص حياتنا ليس المشاكل في حد ذاتها، بل إن طريقة تفكيرنا في هذه المشاكل هي ما يفعل كل ذلك. فكثرة التفكير في المشكلة و اعتبارها مشكلة كبيرة وعصية على الحل يشكلان  أكبر مشكلة. بتعبير آخر، صعوبة المشكلة أو سهولتها تتوقف على ما في أذهاننا و ليس على المشكلة في حد ذاتها.
 فحين تعترضنا مشكلة ما غالبا ما نطرح على أنفسنا الأسئلة الخطإ. تلك الأسئلة كفيلة بجعلنا نتألم و نعاني و نتوتر و نقلق. و هذه المشاعر السلبية تؤثر على قدرتنا على التفكير المتأني و المتبصر في الحلول الممكنة، و على اتخاذ القرارات الصائبة. نطرح على أنفسنا أسئلة من قبيل: لماذا يحصل لي هذا؟ ما الذنب الذي اقترفته حتى أعاقب هكذا؟ ما الخطأ الذي ارتكبته؟ لماذا يقع هذا لي أنا دون بقية الناس؟ لماذا لا أحصل على ما أريد؟ وغيرها من الأسئلة المؤلمة وغير المجدية.   
مثل هذه الأسئلة توجه تركيزنا إلى المشكلة، و تضخمها في أذهاننا و تضع غشاوة على أعيننا فلا نتمكن من رؤية الفرص المتاحة والإمكانيات المتوفرة لحل المشكلة أو لتجاوز الأزمة بل وللاستفادة منها. 
      لذلك أول شيء يجدر بنا تغييره هو هذه الأسئلة التي نطرحها كلما واجهتنا مشكلة بأسئلة أخرى أكثرجدوى و نفعا. من هذه الأسئلة الإيجابية حسب الكاتب و المحاضر و المدرب العالمي المعروف أنطوني روبنز: 
1) ما هو الأمر المهم أو الإيجابي في هذه المشكلة؟
2) ما هو الأمر الذي فيه خلل و يحتاج لإصلاح؟
3) ما هوما أنا على استعداد للقيام به لأحول المشكلة إلى السبيل الذي أريده؟
و هناك طرق عديدة أخرى و لكنها متقاربة  و تسير في نفس الاتجاه للتعامل مع المشاكل. منها طريقة (ويليس كاريير) التي يمكن تلخيصها في ثلاث خطوات: 
1) اسأل نفسك: ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ 
2) استعد نفسيا لتقبل ذلك إن لزم الأمر.
3) حاول بهدوء تحسين صورة أسوأ ما يمكن أن يحدث. 
و هناك طريقة جالين ليتسفيلد التي تتلخص في أربع خطوات: 
1) تسجيل ما تخشى منه بوضوح
2) تسجيل ما يمكنك القيام به حيال ذلك
3) التوصل إلى قرار بشأن ما يجب عليك القيام به
4) البدء فورا في تنفيذ القرار الذي توصلت إليه. 
فالتفكير في المشاكل بهدوء يمكننا من العثور على حلول رائعة ليس بالإمكان تصورها إن توترنا و قلقنا. إذن، فإن المفتاح أو السر في القدرة على مواجهة المشاكل هو الهدوء و الحفاظ على برودة الأعصاب. 
و كما قال ديل كارنيجي: " إن التفكير الجيد يتعامل مع الأسباب و المؤثرات و يؤدي إلى التخطيط المنطقي و البناء، بينما يؤدي التفكير السيء عادة إلى التوتر  والانهيار العصبي." و يقول أنطوني روبنز: " إنني حتى هذا اليوم حين أسمع عن المشكلات أطلق عليها مسمى (التحديات)، كما أنني لا أبقى منغمسا فيها، وأركز على الفور على السبيل الذي يمكنني من تحويل التحدي إلى فرصة." 
و إن وجدت صعوبة في المحافظة على الهدوء و برودة الأعصاب، يمكنك اللجوء إلى إحدى الوسائل السهلة والسريعة التي يمكن أن تساعدك على إطفاء نارالغضب أو السيطرة على انفعالك و توترك، كالوضوء والصلاة وذكر الله بتدبر، والاسترخاء و تغيير الجو بمغادرة المكان الذي حدثت فيه أوسمعت فيه بالمشكلة. 
     و أخيرا، ما المشاكل التي تعترضنا إلا تحديات وابتلاءات لابد منها ولا مفر منها. و نظرتنا لها وطريقة تفكيرنا فيها وكيفية تقييمنا لها تحدد مشاعرنا نحوها. ومشاعرنا نحوها تحدد طريقة تعاملنا معها. و طريقة تعاملنا معها تحدد مدى قدرتنا على حلها و تجاوزها بل والاستفادة منها. و كل ذلك يحدد في النهاية مصيرنا.    

      

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحرر من قيودك النفسية

لماذانحب العطل و نكره العمل؟

هل ( الحجاب ) واجب ديني؟